ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام
صفحة 1 من اصل 1
ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام
ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام
قال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا أيوب بن النجار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " حاج موسى آدم عليهما السلام فقال له : أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم .
قال آدم : يا موسى . . أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني " .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " .
وقد رواه مسلم بن عمرو الناقد ، و النسائي عن محمد بن عبد الله بن يزيد ، عن أيوب بن النجار به قال أبو مسعود الدمشقي : ولم يخرجا عنه في الصحيحين سواه وقد رواه أحمد ، عن عبد الرزاق عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، ورواه مسلم عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق به .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل ، حدثنا إبراهيم ، حدثنا أبو شهاب عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى ، فقال له موسى : أنت آدم أخرجتك خطيئتك من الجنة ؟
فقال له آدم : وأنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق ؟ " .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فحج آدم موسى " مرتين .
قلت : وقد روى هذا الحديث البخاري و مسلم من حديث الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .
وقال الإمام أحمد : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى : يا آدم . . أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة " .
قال : " فقال : آدم : وأنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه تلومني على عمل أعمله ، كتبه الله علي قبل أن يخلق السموات والأرض ؟ قال : فحج آدم موسى " .
وقد رواه الترمذي و النسائي جميعاً عن يحيى بن حبيب بن عدي ، عن معمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن الأعمش به .
قال الترمذي : وهو غريب من حديث سليمان التيمي عن الأعمش .
قال : وقد رواه بعضهم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد .
قلت : هكذا رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده ، عن محمد بن مثنى ، عن معاذ بن أسد ، عن الفضل بن موسى ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد .
ورواه البزار أيضاً : حدثنا عمرو بن علي الفلاس ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أو أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه .
وقال أحمد : حدثنا سفيان ، عن عمرو سمع طاووساً ، سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى : يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة .
قال له آدم : يا موسى . . أنت الذي اصطفاك الله بكلامه - وقال مرة : برسالته - وخط لك بيده ، أتلومني على أمره قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ " .
قال : " حج آدم موسى ، حج آدم موسى ، حج آدم موسى " .
وهكذا رواه البخاري عن علي بن المديني ، عن سفيان ، قال : حفظناه من عمرو عن طاووس ، قال : سمعت أبا هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى يا آدم . . أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة .
فقال له آدم : يا موسى . . اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده ، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟
فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى " هكذا ثلاثاً .
قال سفيان : حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
وقد رواه الجماعة إلا ابن ماجه عن عشر طرق ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الله بن طاووس . عن أبيه عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .
وقال أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا حماد ، عن عمار ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لقي آدم موسى ، فقال : أنت آدم الذي خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك الجنة ، ثم فعلت ما فعلت ؟
فقال : أنت موسى الذي كلمك الله واصطفاك برسالته ، وأنزل عليك التوراة ، أنا أقدم أم الذكر ؟ قال : لا ، بل الذكر . فحج آدم موسى " .
قال أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحميد عن الحسن عن رجل - قال حماد : أظنه جندب بن عبد الله البجلي - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لقي آدم موسى " فذكر معناه ، وتفرد به أحمد من هذا الوجه .
وقال أحمد : حدثنا حسين ، حدثنا جرير - هو ابن حازم - عن محمد - هو ابن سيرين - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقي آدم موسى فقال : أنت آدم الذي خلقك الله بيده وأسكنك جنته ، وأسجد لك ملائكته ، ثم صنعت ما صنعت ؟
قال آدم لموسى : أنت الذي كلمه الله ، وأنزل عليه التوراة ؟ قال : نعم ، قال : فهل تجده مكتوباً علي قبل أن أخلق ؟ قال : نعم .
قال : فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى " .
وكذا رواه حماد بن زيد ، عن أيوب ، وهشام عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رفعه . وكذا رواه علي بن عاصم ، عن خالد ، وهشام ، عن محمد بن سيرين ، وهذا علي شرطهما من هذه الوجوه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلي ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني أنس بن عياض ، عن الحارث بن أبي دياب ، عن يزيد بن هرمز ، سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتج آدم وموسى عند ربهما فحج آدم موسى ، قال موسى : أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك جنته ، ثم أهبطت الناس إلى الأرض بخطيئتك ؟
قال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه ، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء ، وقربك نجياً ؟ فبكم وجدت الله كتب التوراة ؟ قال موسى : بأربعين عاماً ، قال آدم : فهل وجدت فيها " وعصى آدم ربه فغوى " ؟ قال : نعم قال : أفتلومني على أن عملت عملاً كتب الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟
قال : قال رسول لله صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى " .
قال الحارث : وحدثني عبد الرحمن بن هرمز بذلك ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد رواه مسلم ، عن إسحاق بن موسى الأنصاري ، عن أنس بن عياض ، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي رباب ، عن يزيد بن هرمز والأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .
وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "احتج آدم وموسى ، فقال موسى لآدم : يا آدم . . أنت الذي أدخلت ذريتك النار .
فقال آدم : يا موسى . . اصطفاك الله برسالته وبكلامه ، وأنزل عليك التوراة فهل وجدت أن أهبط ؟ قال : نعم ، قال : فحجه آدم " .
وهذا على شرطهما ولم يخرجاه من هذا الوجه ، وفي قوله : ( أدخلت ذريتك النار ) نكارة .
فهذه طرق الحديث عن أبي هريرة ، رواه عنه حميد وعبد الرحمن ، وذكوان أبو صالح السمان ، وطاووس بن كيسان ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وعمار بن أبي عمار ، ومحمد بن سيرين ، وهمام بن منبه ، ويزيد بن هرمز ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن .
وقد رواه الحافظ أبو يعى الموصلي في مسنده من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : حدثنا الحارث بن مسكين المصري ، حدثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه عن عمر بن الخطاب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "قال موسى عليه السلام : يارب : . . أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة . فأراه آدم عليه السلام ، فقال : أنت آدم ؟ فقال له آدم : نعم . فقال : أنت الذي نفخ الله فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك الأسماء كلها ؟ قال : نعم . قال : فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟
فقال له آدم : من أنت ؟ قال : أنا موسى . قال : أنت موسى نبي بني إسرائيل ؟ أنت الذي كلمك الله من وراء الحجاب ، فلم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه ؟ قال : نعم . قال : تلومني على أمر قد سبق من الله عز وجل القضاء به قبل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى " .
ورواه أبو داود عن أحمد بن صالح المصري ، عن ابن وهب به .
قال أبو يعلي : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي ، حدثنا عمران ، عن الرديني ، عن أبي مجلز عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عمر عن عمر - قال أبو محمد أكبر ظني أنه رفعه - قال : " لقي آدم موسى فقال موسى لآدم : أنت أبو البشر ، أسكنك الله جنته ، وأسجد لك ملائكته . قال آدم : يا موسى : أما تجده علي مكتوباً ؟ قال : فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى " .
وهذا الإسناد أيضاً لا بأس به . . والله أعلم .
وقد تقدم رواية الفضل بن موسى لهذا الحديث عن الأعمش ، عن أبي صالح عن أبي سعيد ، ورواية الإمام أحمد له عن عفان ، عن حماد بن سلمة عن حميد ، عن الحسن عن رجل . قال حماد . أظنه جندب بن عبد الله البجلي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لقي آدم موسى " فذكر معناه .
وقد اختلفت مسالك الناس في هذا الحديث :
فرده قوم من القدرية لما تضمن من إثبات القدر السابق .
واحتج به قوم من الجبرية ، وهو ظاهر لهم بادي الرأي حيث قال : " فحج آدم موسى " لما احتج عليه بتقديم كتابه ، وسيأتي الجواب عن هذا .
قال آخرون : إنما حجه لأنه لامه على ذنب قد تاب منه ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .
وقيل : إنما حجه لأنه أكبر منه وأقدم . وقيل : لأنه أبوه . وقيل : لأنهما في شريعتين متغايرتين . وقيل : لأنهما في دار البرزخ وقد انقطع التكليف فيما يزعمون .
والتحقيق : أن هذا الحديث روى بألفاظ كثيرة بعضها مروى بالمعنى وفيه نظر .
ومدار معظمها في الصحيحين وغيرهما على أنه لامه على إخراجه نفسه وذريته من الجنة ، فقال له آدم : أنا لم أخرجكم ، وإنما أخرجكم الذي رتب الإخراج علي أكلي من الشجرة ، والذي رتب ذلك وقدره وكتبه قبل أن أخلق ، هو الله عز وجل ، فأنت تلومني على أمر ليس له نسبة إلى أكثر من أني نهيت عن الأكل من الشجرة فأكلت منها ، وكون الإخراج مترتباً على ذلك ليس من فعلي ، فأنا لم أخرجكم ولا نفسي من الجنة ، وإنما كان هذا من قدر الله وصنعه ، وله الحكمة في ذلك . فلهذا حج آدم موسى .
ومن كذب بهذا الحديث فمعاند ، لأنه متواتر عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وناهيك به عدالة وحفظاً وإتقاناً .
ثم هو مروى عن غيره من الصحابة كما ذكرنا .
ومن تأويله بتلك التأويلات المذكورة آنفاً ، هو بعيد من اللفظ والمعنى ، وما فيها من هو أقوى مسلكاً من الجبرية .
وفيما قالوه نظر من وجوه :
أحدها : أن موسى عليه السلام لا يلوم على أمر قد تاب عنه فاعله .
الثاني : أنه قد قتل نفساً لم يؤمر بقتلها ، وقد سأل الله في ذلك بقوله : " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له " .
الثالث : أنه لو كان الجواب عن اللوم على الذنب بالقدر المتقدم كتابته على العبد ، لا نفتح هذا لكل من ليم على أمر قد فعله ، فيحتج بالقدر السابق فينسد باب القصاص والحدود . ولو كان القدر حجة لاحتج به كل أحد على الأمر الذي ارتكبه في الأمور الكبار والصغار ، وهذا يفضي إلى لوزام فظيعة . فلهذا قال من قال من العلماء : بأن جواب آدم إنما كان إحتجاجاً بالقدر على المصيبة لا المعصية .
والله تعالى أعلم .
ذكر الأحاديث الواردة في خلق آدم عليه السلام
قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ومحمد بن جعفر ، حدثنا عوف ، حدثني قسامة بن زهير ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك ، والخبيث والطيب ، والسهل والحزن وبين ذلك " .
ورواه أيضاً عن هوذة ، عن عوف ، عن قسامة بن زهير ، سمعت الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك ، والسهل والحزن وبين ذلك ، والخبيث والطيب وبين ذلك " .
وكذا وراه أبو داود و الترمذي و ابن حبان في صحيحه ، من حديث عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن قسامة بن زهير المازني البصري ، عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . قال الترمذي : حسن صحيح .
وقد ذكر السدي ، عن أبي مالك وأبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : فبعث الله عز وجل جبريل في الأرض ليأتيه بطين منها ، فقالت الأرض : أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني ، فرجع ولم يأخذ ، وقال : رب . . إنها عاذت بك فأعذتها .
فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها ، فرجع فقال كما قال جبريل . فبعث ملك الموت فعاذت منه ، فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره ، فأخذ من وجه الأرض وخلط ، ولم يأخذ من مكان واحد ، وأخذ من تربة بيضاء وحمراء ، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين .
فصعد به فبل التراب حتى عاد طيناً لازباً . واللازب : هو الذي يلزق بعضه ببعض ، ثم قال للملائكة : " إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " .
فخلقه الله بيده لئلا يتكبر إبليس عنه ، فخلقه بشراً ، فكان جسداً من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة ، فمرت الملائكة ففزعوا منه لما روأه ، وكان أشدهم فزعاً إبليس ، فكان يرم به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصة ، فلذلك حين يقول : " من صلصال كالفخار " ويقول : لأمر ما خلقت ، ودخل من فيه وخرج من دبره وقال للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد وهذا أجوب ، لئن سلطت عليه لأهلكنه .
يتبع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى